عقدت  كلية العلوم التربوية واعداد المعلمين في جامعة النجاح الوطنية وبالتعاون مع مركز دراسات الجاليات العربية والمسلمة في المهجر في جامعة سان فرانسيسكو يوم الخميس الموافق 2018/3/22 مؤتمراً دولياً بعنوان "تدريس فلسطين: الممارسة التربوية وشمولية العدالة"، حيث هدف المؤتمر إلى العمل على تأريخ الممارسات المتعلقة بقطاع التعليم في فلسطين ووضعها في سياق تعدديتها وجدلياتها الدقيقة من خلال إعادة التفكير في تدريس فلسطين في المناهج والمقررات التربوية وطرق تدريسها في فلسطين وفي العالم وذلك لتحقيق العدالة الشاملة والتأكيد على أن الرسالة الفلسطينية تتمثل دائما بالسعي لنيل الحرية والعدالة.

وتضمن المؤتمر خمس جلسات تمحورت حول عدة مواضيع مهمة شملت محاولات المنع والرقابة على تدريس فلسطين نتيجة الاقتصاد السياسي للصهيونية والمفاهيم الليبرالية الجديدة وعلى طرق التدريس النابعة من ثقافة السكان الأصليين في الولايات المتحدة الامريكية وحول العالم والساعية لتنقية المناهج من آثار الإستعمار وعلى تحدي رقابة أجهزة الأمن والبوليس الساعية لمنع أو عرقلة النشاطات الشبابية والطلابية المتضامنة مع الشعب الفلسطيني في الجامعات الأمريكية وعلى تدريس القضية الفلسطينية في الولايات المتحدة والأبحاث العلمية المتعلقة بها والمنهجيات المتبعة في تدريسها، وعلاقتها بالإستشراق والمركزيات الثقافية، والفروقات بين السياقات التاريخية والجغرافية المختلفة من خلال عمل دراسات مقارنة لإعادة الاعتبار لتدريس فلسطين عالميا.

إفتتح المؤتمر الاستاذ الدكتور ماهر النتشة القائم بأعمال رئيس الجامعة والذي أشار الى أهمية التعليم العالي في فلسطين وأهمية استقطاب الكفاءات العلمية المتميزة من داخل فلسطين وخارجها، وابتعاث المتفوقين، وتوفير البنى التحتية والتكنولوجية الحديثة مؤكدا على دعمه المتواصل للإستمرار في تعزيز التعاون مع جامعة سان فرانسيسكو وتعميق التبادل الاكاديمي والفكري والبحثي معها من خلال "مذكرة التفاهم" التي وقعت بين الجامعتين قبل عدة سنواتت، كما تطرق الدكتور النتشة عن العقبات

التي تواجه التعليم العالي في فلسطين من حيث الموارد المالية وصعوبة الاستعانة بخبراء مختصين من الخارج بسبب المعيقات التي تواجه هؤلاء الاكاديميين في الحصول على الاقامة في فلسطين.

ترأست الوفد الامريكي الدكتورة رباب إبراهيم عبد الهادي، مديرة مركز دراسات الجاليات العربية والمسلمة في المهجر في جامعة سان فرانسيسكو والتي قدمت ورقة بحثية أوضحت من خلالها أن تدريس قضية فلسطين لا يقتصر على الجامعات أو المؤسسات الأكاديمية في الولايات المتحدة الأمريكية بل يتجاوز ذلك ليشمل مختلف مناحي الحياة الاجتماعية والثقافية فيها. وقالت أن "إنتاج المعرفة يجب أن يكون متجذرا ونابعا من مفهوم العدالة وأننا في تدريسنا عن فلسطين لا ندرس الكراهية بل ندرس الحرية وطرق تحقيقها" وأضافت أن استخدام اللغة يعتبر شكل من اشكال المقاومة لذلك دعت الى ضرورة انتقاء الكلمات والمفردات والمفاهيم بعناية وذلك لنقل الرواية الفلسطينية الأدق والاكثر تعبيراً عن الواقع بعيداً عن التشويه والتغيير للمفاهيم والمصطلحات التي يتم تداولها في مختلف وسائل الاعلام. ثم تحدثت عن تفاصيل الحملات التي يقوم بها اللوبي الصهيوني لإسكات الأصوات والشخصيات الأكاديمية التي تسعى لتدريس فلسطين في الجامعات الأمريكية وبالمقابل الجهود التضامنية الكبيرة لمواجهة هذه الحملات وهزيمتها للاستمرار في تدريس فلسطين والدفاع عن قضيتها العادلة أكاديميا وإعلاميا.

ومن أهم المواضيع التي تم مناقشتها في الجلسة الأولى والتي أدارها الأستاذ سائد ابو حجلة من قسم الجغرافيا في الجامعة ،موضوع العدالة والممارسات التربوية ومفاهيمها من خلال ورقة الدكتورة عبد الهادي، بالاضافة الى مفاهيم التحررية والصهيونية وعلاقتها بفلسطين من خلال ورقة البروفيسور روبين كيلي من جامعة كاليفورنيا لوس انجلوس .

وتضمنت الجلسة الثانية والتي أدارها الدكتور محمد حمدان ، استاذ مساعد من قسم اللغة الانجليزية ، مناقشة موضوع المنهجية الفلسطينية قي تدريس المضطهدين حيث قدم هذا الموضوع الدكتور سائد ابو حجلة، بالاضافة الى مناقشة مجموعة من المفاهيم المختلفة كالنيوليبرالية والصهيونية ومكافحة الاستعمار وعلاقتها بتدريس فلسطين، حيث شارك فيها مجموعة من المهتمين وذوي الاختصاص ك : ماميرا بروسبر، وجيمس فيفي، وسليم شحادة.

من جهتها طرحت الدكتورة سائدة عفونة، عميدة كلية التربية واعداد المعلمين في النجاح موضوعاً مهما يتعلق بأهمية تحرير فلسطين من جهل الآخرين وبناء الهوية الفلسطينية من خلال المساق الإلكتروني المفتوح "اكتشف فلسطين" والتي تطرحه جامعة النجاح الكترونيا وذلك لتعريف العالم على فلسطين من خلال نشر فيديوهات مختارة وصور معبرة وخرائط لتعريف سكان العالم على فلسطين وتاريخها وتراثها وهويتها وذلك باستخدام لغة القلب بدلاً من لغة الصراع

وتضمنت الجلسة الثانية والتي أدارها الدكتور محمد حمدان، استاذ مساعد من قسم اللغة الانجليزية، طرح عدة أوراق عمل: "التغير الليبرالي الجديد وعلاقته في صناعة الإمبراطوريات، الإحتلالات في هايتي وفلسطين" قدمتها الدكتورة ماميرا بروسبر، و "المعرفة المضادة للإستعمار، والبراكسيس المتبع من قبل طلبة الإتحاد العام لطلبة فلسطين في الشتات" قدمها الباحث الفلسطيني الأمريكي سليم شحادة، و "العمل النقابي الأمريكي وعلاقته بفلسطين والصهيونية والليبرالية" قدمها النقابي البورتوريكي الأمريكي هايمي فيفي، و"منهجية فلسطينية في تدريس المضطهدين" قدمها الدكتور سائد ابو حجلة.

 

وفي الجلسة الثالثة تم عقد ورشة عمل ما بين أعضاء الوفد الزائر ومجموعة من طلبة جامعة النجاح من كليات مختلفة تم فيها نقاش العديد من المواضيع المهمة شملت مفهوم التمييز العنصري والأبارتهايد، والنشاطات الطلابية في الجامعات الأمريكية والفلسطينية والمقارنة فيما بينها، ومفهوم شمولية العدالة وكيفية بناء الجسور والأطر التضامنية ما بين فلسطين والعالم

أما الجلسة الرابعة والتي ادارتها الاستاذة تسنيم صالحي من قسم اساليب تدريس اللغة الانجليزية في الجامعة، فقد تضمنت مناقشة عدة ورقات عمل شملت العنوانين التالية: "منهجيات دراسية متجذرة: العلاقة الجدلية ما بين الأرض والسكان الأصليين والإحتلال في جامعة سان فرانسيسكو" قدمتها المحاضرة في الدراسات العرقية نانيا رانتيرا، و "تعليم المقاومة: دروس من مشروع التعليم البديل في جنوب أفريقيا" قدمتها ماتيشيديسو موتسوننج من المركز الأفريقي الشرق أوسطي في مدينة جوهانسبرغ، و "سياسات الشتات وشعب المابوشو في تشيلي: تدريس العدالة وتدريس فلسطين" قدمتها الطالبة التشيلية من أصل فلسطيني دانييلا بينتو، و "الأرض والمياة والعدالة: دراسة مقارنة ما بين فلسطين وستاندينج روك" قدمتها الباحثة ميليسا تسو من شعب النافاهو في الولايات المتحدة، و "مستوى شيوع قيم العدالة التربوية في كتب الدراسات الاجتماعية" والتي قدمها الدكتور سهيل صالحة، أستاذ مساعد من قسم اساليب تدريس اللغة الانجليزية في الجامعة، و "التربية الناقدة في الجامعات الفلسطينيةالآفاق والعقبات: تجربة جامعة النجاح الوطنية" قدمها الدكتور سامي الكيلاني، الأستاذ المساعد في قسم الإجتماع ومساعد رئيس الجامعة للشؤون المجتمعية.

وفي الجلسة الخامسة والتي أدارها الدكتور سفيان أبو عرة، تم عرض أربعة أوراق عمل تتعلق بالنشاط الطلابي في الولايات المتحدة وفلسطين، حيث قدم الطالب باركر بريزا من جامعة تافتس ورقة بعنوان "حملات سحب الإستثمارات والنضال لتحرير فلسطين: ماذا يمكن أن نتعلم من تجربة (الحركة الطلابية من أجل العدالة في فلسطين) في جامعة تافتس"، وقدم الطالب إنريكو دوان من جامعة واشنطن ورقة بعنوان "الرقابة والنشاط البوليسي وتطوير الأحياء السكنية وإجلاء الفقراء منها وإستبدالهم بالأغنياء: دروس من جنوب وسط لوس أنجلس وبيت لحم"، ثم قدم الدكتور حسن أيوب والدكتور رائد نعيرات، من قسم العلوم السياسية في النجاح، ورقة مشتركة بعنوان "تنظيم الطلاب في فلسطين"، وأختتمت الجلسة بورقة مقدمة من الدكتورة سماح صالح، رئيسة قسم الإجتماع والخدمة الإجتماعية، بعنوان "النساء الفلسطينيات ما بين المطرقة والسندان: التحديات التي تواجه الطالبات الفلسطينيات في الحركات السياسية داخل الجامعات".

وفي الجلسة الختامية، والتي تحدث فيها كل من البروفيسور روبين كيلي، ود.عفونة، ود.عبد الهادي تم تلخيص أهم المواضيع والقضايا التي تناولها المؤتمر ونقاش الإتجاهات المستقبلية البحثية والتربوية لتدريس فلسطين وكيفية تعزيز التعاون ما بين جامعة النجاح الوطنية وجامعة سان فرانسيسكو وبناء الجسور مع الناشطين والأكاديميين المهتمين بتدريس فلسطين من منظور تقدمي مضاد للفكر الكولونيالي والليبرالي الجديد.

هذا وقد استقبل الاستاذ الدكتور القائم بأعمال رئيس الجامعة في مكتبه الوفد الضيف قبل انطلاق فعاليات المؤتمر معبرا عن سعادته لاستمرار وتطويد العلاقات بين جامعة النجاح وجامعة سان فرانسيسكو، مؤكدا على أهمية دوام التواصل بين الجامعتين لما لقطاع التعليم من اهمية كبيرة في فلسطين.

وكان في استقبال الوفد الدكتورة سائدة عفونة، والاستاذ سائد أبو حجلة، والاستاذ خالد مفلح، القائم باعمال دائرة العلاقات العامة، ومكتب العلاقات الدولية.

 

وقدم الدكتور النتشة للوفد الضيف موجزا عن تطور الجامعة ونشأتها والبرامج التي تطرحها ودورها في خدمة المجتمع الفلسطيني والتحديات التي تواجهها، كما تحدث عن أهم العقبات السياسية والاقتصادية التي تواجه التعليم العالي في فلسطين بشكل عام وفي جامعة النجاح الوطنية بشكل خاص، حيث أشار الى صعوبة استقدام كفاءات اكاديمية وعلمية ذات خبرة من والى جامعة النجاح بسبب الوضع السياسي والاقتصادي الذي يفرضه الاحتلال الاسرائيلي على الجامعات الفلسطينية سعيا منه لعرقلة عجلة التعليم في فلسطين


عدد القراءات: 149